السودان رقم صحيح في معادلة استقرار المنطقة الاقليمية ، بوابة الحرب والسلام، حاضرة دائماً في سجلات التاريخ السوداني، تصدعت جدرانها في مراحل معينة، وكثيراً ما كانت تصمد في مواجهة العواصف وتعبر بسلام.
السودان المعاصر خاض أكثر من حرب، في الوقت نفسه ما تخللها من صراعات وانقلابات، صعوداً وهبوطاً، ولكن صمد في وجه العاصفة.
منذ اللحظة الاولى لإندلاع الحرب الحالية، كان واضحاً أنَّ القيادة السودانية تريد السلام، مواقفها كانت قائمة في شقها الخارجي على إطفاء نار الصراعات وعدم جر بلادنا لنزاعات جديدة، ولكن لم تترك المليشيا وحلفاءها الدوليين سبيلاً سوى الحرب.
حتى بعد قبول القيادة السودانية الجلوس إلى التفاوض عبر وساطة سعودية_امريكية ب “جدة” ، فقد استمرت المليشيات في سفك دماء السودانيين، دمرت عمرانهم وفرضت تهجيراً جماعياً، و احتلت مدنهم وقراهم، وحرمتهم من سقفٍ يأويهم، وذاكرة التاريخ لن تنسى، اذاً لا مفر من خوض الحرب حتى الانتصار الشامل للدولة والجيش والشعب.
خوض الحرب حتى النهاية لايعنى البندقية فقط ، بل يجب أن يصاحبها قتال سياسي وتنفيذي، ولأن السودانيين يستحقون حياة آمنة ومستقرة، وهم الان أمام امتحان تاريخي لاستعادة دولتهم المخطوفة واستعادة قرارها وبسط السيادة.
إنه وضع جديد، يحتم على القيادة اتخاذ قرارات صارمة تناسب حجم الوجع المقيم ومسبباته، عبر رؤية إصلاحية تمكّنها من المساهمة في قيام حكومة كفاءات من خارج نظام المحاصصة وملوثاته، تستعيد ثقة الداخل واحترام الخارج، ليكون ممكناً حلول زمن الحل الدائم، وإعادة بناء المؤسسات وفق قواعد عقلانية تسرع من إمكانية وضع البلد على سكة التعافي انطلاقاً من محاسبة شفافة ومساءلة لا يجوز إهمالهما.
وحتى يكون ذلك متاحاً، آن اوان استعادة المواطن السوداني لدوره لاعباً يبلور يقظة شعبية ضاغطة ليكون بالإمكان الذهاب إلى إعادة تكوين سلطة حقيقية على قاعدة معركة الكرامة واهدافها وشعاراتها، بعد كارثة الفراغ السياسي والتنفيذي التي سببتها قرارات ٢٥/اكتوبر المبتورة.
التوقيت يزداد وضوحاً، الحاجة لحكومة حرب رشيقة وقوية ، تقلل الصرف البذخي على مجموعات الفاشلين والفاسدين، وتوقف تمدد المليشيات المتحالفة مع الدولة على طريق التمكين السياسي والاثني، خصوصاً أن بعض القوى الدولية تسعى لاستبدال مليشيات “الدعم السريع” التي سقط مشروعها بمليشيات اخرى لضمان استمرارية حريق السودان .
يجب أن يعلن “البرهان” حكومة حرب ، محدودة العدد مطلقة الصلاحيات ، لمجابهة مؤامرة اختراق الدولة من الداخل، يجب إلا تهتم القيادة كثيراً للضغط الدولي الذي يمارسه حلفاء التمرد عليها ، كلما أرادت أن تمد نفوذها السياسي إلى كامل الأراضي السودانية .
محبتي وأحترامي