رشان أوشيرشان أوشي


رشان اوشي

بعد حرب ١٥/ابريل الفجائية ، التي ربحتها القوات المسلحة السودانية حتى قبل أن تخوضها، وظلَّت قلعة عسكرية أسطورية ، وذلك عندما خرجت جموع السودانيين في تظاهرات “الكرامة” التي رفضت محاولات تدمير الجيش الوطني تحت شعار ” إعادة الهيكلة”، انكشف للسودانيين كل شيء، فالولايات المتحدة الأمريكية التي تحاول ابعاد شبح “روسيا” عن سواحل البحر الاحمر الأفريقية، بإمكانها اكل أصنام العجوة التي صنعتها ، فمصالحها اهم من شعارات “الديمقراطية” و” حقوق الإنسان”.

ولكن الولايات المتحدة لم تعرف رغم ادعاءها الإلمام بكل شئ في العالم ، ان السودان بلد الابطال وان قوات الشعب المسلحة علامة فارقة في العقل الوطني ، وان رمزية “قائد الجيش” تزيد الصورة بطولة.

ظنوا أن “البرهان” الرجل الهادئ قليل الكلام ضعيفاً ويمكن ترويضه، وأخيراً اكتشفوا أنه “ثعلب مكير” ، ظل يلف ويدور حتى كشف “الامريكان” عن وجههم الحقيقي تجاه السودان وشعبه .

ظنت الولايات المتحدة وراء أسوارها الوهمية والحقيقية، أن بإمكانها تركيع الدولة السودانية عبر المليشيات التي تقاتل بأموال “اغبياء” الخليج العربي ، وأنه بعد هزيمة جيش السودان سيكون بإمكان “اسرائيل” أن تزرع الخضرة في شرق السودان ، وتطور ترسانتها العسكرية من معادن السودان ، وتتحكم الولايات المتحدة في كل افريقيا ، وبعد سقوط “السودان” في براثن الفخ الامريكي-الاسرائيلي عبر الواجهة “الإماراتية” ستطبخ “مصر” على نار هادئة .

ولكن اصطدمت المطامع الامريكية-الاسرائيلية بصخرة الجيش السوداني ، الذي وضع جنوده وضباطه امام أعينهم وهم يقاتلون، صورة سجن “ابوغريب” وأقبية الموت حتى من دون إفادة غياب، وبالتالي سقوط “العراق” ، لذلك دافعوا عن أرضهم باستماتة ومازالوا .

أمام عناد جنرالات الجيش السوداني ، رغم الحصار ، وشح الموارد، وضعف الإمكانيات ، تساقطت الأقنعة الغربية بصورة وقحة مثل ورق التواليت ، من يقرأ لقاء “جدة ” الاخير ، يجد أن الدولة السودانية اقتصت لكل الشعوب التي قهرتها سياسات الولايات المتحدة الاستعمارية ، وضربت عرض الحائط بكل الوعيد ، ولم ترضخ ل”التعليمات” الأمريكية بالتوجه إلى جنيف ، وتوقيع “عقد اذعان” للمليشيات.

تفاجأ الصلف الأمريكي أثناء مداولات “جدة” بشروط سودانية غير قابلة للنقاش مقابل الدخول في أي خطوات تفاوضية مع المليشيات ، واهمها:
أولاً: إخلاء الأعيان المدنية ومنازل المواطنين ، وتجميع المليشيات بمعسكرات بعينها داخل العاصمة الخرطوم.
ثانياً:تقييم خسائر الشعب المتمثلة في أمواله المنهوبة ، منشآت البنى التحتية التي دمرتها المليشيات ، تقدمة لسداد قيمة التعويضات .
ثالثاً: اتفاق السلام لن يحوي اي دور سياسي لقادة المليشيات في مستقبل السودان.

المبعوث الأمريكي ارغى وازبد، وأطلق تهديدات بالعقوبات والحصار على قادة الجيش ، ولكن صدم برد فعل أعضاء الوفد ، وقالوا له:” اعلى مافي خيلك اركبه ، السودان ليس ولاية أمريكية حتى ننفذ تعليماتك”، وغادروا عائدين إلى بلادهم .

لقاء “جدة” كشف أن الطرف الأميركي منحاز للمليشيات ، وان أحزاب “تقدم” التي كانت تنتظر بفارغ الصبر رضوخ الحكومة السودانية للضغط الأمريكي بالذهاب إلى جنيف ، تريد تسخير هذا الضغط لمشروعها ، رؤيتها وخططها ، كما هو الحال مع “حميدتي” ، الذي يريد تسخير الضغط الأمريكي لصالح خلاصه من ورطته الكبيرة.

أما بالنسبة للشعب السوداني الذي يناصر جيشه فهناك لحظة، كاشفة، آتية قريباً، ستجبر التخشب الأمريكي على الليونة، فالحياة اختيارات بين الأبيض والأسود، ، و ثمن الدمار والخراب والضحايا في السودان ، فادحٌ ومهول، وثمن الغضب السوداني مكلفٌ وثقيل على المصالح الأمريكية في السودان .

تلك هي الصورة اليوم، والمهم أن السيادة السودانية ، تتحكم في إيقاع اللحظة.
محبتي واحترامي