ابراهيم شقلاويابراهيم شقلاوي

د. إبراهيم شقلاوي

في مقالنا السابق الذي حمل عنوان ( الحرب تعيق صيانة مشروعات حصاد المياه) نبهنا إلى أهمية صيانة هذه السدود وقلنا بأهمية الإنتباه العاجل لصيانتها .. حتي لا تصبح بلادنا مواجهة بكارثة إنسانية جراء اي انهيارات محتملة يصعب التعامل معها في ظل الإنشغال بالحرب.. فقد توقفت أعمال الصيانة لعامين على التوالي بسبب فقدان الأمن ..من المعلوم أن عدم صيانة هذه المشروعات وتهيئتها لتخزين جديد ربما تنتج عنها كارثة إنسانية بسبب ازدياد معدلات هطول الأمطار هذا العام 2024م.. بالأمس وكما توقعنا تسبب انهيار جزئي لسد أربعات بولاية البحر الأحمر.. حسب إعلام محلي في قطع الطريق القومي الي مدينة بورتسودان.. مما أدى إلى توقف تام لحركة المرور وتعطيل لحركة التجارة والبضائع.. نتيحة السيول الجارفة التي أدت الي إمتلاء السد بالمياه الذي تقلصت سعاته التخزينية في أوقات سابقة بفعل الطمي.. هذا العام شهدت معدلات الأمطار في شرق السودان ارتفاعا ملحوظا حيث تأثرت عدد من أجزاء الولاية بالسيول والأمطار الغزيرة تجاوزت المعدلات المعتادة، ما تسبب في خسائر فادحة في الأرواح والممتلكات زادت من معاناة الناس ومن آلامهم.. بالرغم من مشاركة عدد من قيادات الولاية الرسمية والأهلية والشبابية في حملة إنقاذ العالقين جراء السيول التي إجتاحت شمال مدينة بورتسودان والتي تأثرت بها مناطق هديدباب و أربعات ومناطق أخرى .. أدت هذه المعدلات المرتفعة من الأمطار إلى انهيار جزئي لسد أربعات كما أوضحنا.. الذي يعد أكبر سد لحصاد المياه بولاية البحر الأحمر وأكدت وسائل إعلام محلية أن حكومة الولاية بقيادة الوالي مصطفي محمد نور قد وقفت على الأضرار التي حدثت جراء هذه الكارثة وبدأ توجيهات ميدانية للمعالجة خاصة حول منطقه أربعات المتأثرة بالفيضانات.. كذلك باشرت قوات الدفاع المدني أعمال إنقاذ العالقين.. من الواضح أننا أمام أزمة إنسانية توجب التدخل العاجل من الجهات الحكومية المتمثلة في وزارة الري السودانية حسب الاختصاص عبر أزرعها إلى جانب الجهات الحكومية الأخرى و المنظمات المعنية .. ذلك لتخفيف المعاناة الإنسانية على المتضررين .

يعتبر سد أربعات من سدود حصاد المياه المهمة بولاية البحر الاحمر.. يقع شمال العاصمة بورسودان.. بحوالي 20 كيلو متر بقرية أربعات.. بالقروب من السد هناك ينابيع للمياه العذبة تغذي سنويا بواسطة المياه الجوفيه وهي تعد من أهم مصادر مياه الشرب للإنسان والحيوان والزراعة.. بانهياره تفقد مدينة بورسودان مصدرا مهما من المياه.. أنشأ السد في العام 2002م بغرض محاربة العطش وتحسين إمداد المياه للولاية.. حيث يرى خبراء أن مياه سد أربعات كافية لحل مشكلة الولاية في فترات الجفاف خلال الصيف إذا تمت لها التدابير اللازمة المتعلقة بمعالجة الإمداد ورفع كفاءة التخزين لزيادة السعة إلى 13 مليون متر مكعب إضافية من المياه دعما للموقف المائي بالولاية.. بالرغم من أن زيادة نسبة الإطماء في السد قلصت من سعته التخزيية لذلك كان يجب العمل على إزالتها ضمن مشروعات الصيانة السنوية للسدود التي كانت تقوم بها وزارة الري السودانية بالتعاون مع حكومة الولاية .. حتي يصبح قادرا على القيام بمهامه الأساسية في حفظ المياه خلال موسم الأمطار.. والاستفادة منها خلال فترات الجفاف.. كذلك من المعلوم أن الولاية ظلت تجري استعدادات لإنشاء سد جديد بمنطقة عروس لتوفير 6 مليون متر مكعب بجانب سد وداي طي وسد هندوب.. التي توفر 12.5 مليون متر مكعب من المياه.. مثلت هذه السدود الي جانب الحفائر والآبار دعما مقدرا لحل مشكلة مياه البحر الأحمر من خلال توفير 27 مليون متر مكعب من المياه.. ضمن برنامج صفرية العطش.. الذي تنفذه حكومة السودان بالتنسيق مع المنظمات الدولية.. والذي توقف العمل فيه منذ العام 2019م جراء عدم الاستقرار السياسي وتوقف تمويل مشروعات حصاد المياه .. تعتبر صيانة وإنشاء هذه المشاريع الهامة جزء من استراتيجية حكومة السودان لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال المياه وحل مشكلة العطش في الريف.. حيث يتطلع السكان إلى الصيانات الدورية وإلى اكتمال هذه المشاريع الضخمة والتي من شأنها تحسين جودة حياتهم وتوفير فرص عمل جديدة لهم .. رغم تزايد التحديات التي تواجه الحكومات المحلية.. حيث ظل المسؤولون يبذلون جهودا كبيرة لمواجهة هذه الأزمات وتقديم المساعدة اللازمة للمتضررين من العطش خلال فترات الصيف.. عليه أرجو أن تمضي خطوات صيانة هذه السدود والحفائر و قيام السددود الجديدة التي توقف العمل فيها.. بذلك تكون هذه خطوات مهمة بمساهمتها في توفير الحماية المناسبة لعدد من المناطق من السيول و وضمان توفير المياه اللازمة للسكان المحليين خلال الصيف .. مع استمرار العمل على هذه المشروعات الضخمة.. نأمل أن تتمكن الحكومة والمنظمات الدولية من تقديم الدعم اللازم لإستمرار العمل في أقرب وقت ممكن بعد استتباب الأمن .. حيث إنها تساعد في تعزيز البنية التحتية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة.. بذلك يمكننا تحقيق تنمية مستدامة وتحسين جودة الحياة للمواطنين في عدد من الولايات السودانية.. مجددا نقول إن وجه الحقيقة يوجب أهمية التدخل العاجل في معالجة الانهيار الحادث لسد اربعات الذي ينبي بكارثة إنسانية و بيئية الي جانب أزمة في مياه الشرب خلال الصيف القادم.. وهذا بمثابة جرس الانذار الأخير لسدود أخرى محتمل انهيارها إذا لم نأخذ الأمر مأخذ الجد.. لذلك ندعوا إلى تضافر كافة الجهود المحلية والاقليمية في توفير التمويل اللازم لمواجهة التحديات الماثلة التي تواجه بلادنا في زمن الحرب..في جانب صيانة سدود حصاد المياه بأسرع وقت ممكن..فإن هذه المشروعات تمثل الأمن المائي للسكان وفرصة للنهوض بالريف وتطويره بشكل شامل.. بجانب مساهمتها في استقرار الإنسان والحيوان والزراعة أو الخدمات التعليمية و العلاجية وزيادة فرص العمل وعودة النازحين..واستتباب الأمن والسلام.
دمتم بخير وعافية..
الأحد 25/ أغسطس/ 2024م.
[email protected]