زئير الحقيقة
القصة بدأت من روسيا وتحديداً العام ٢٠١٤م حيث الخلاف الشهير بين بافيل دوروف “مؤسس تليجرام” والحكومة الروسية علی خلفية رفض دوروف التعاون مع السلطات الروسية وتسليمهم بيانات لمستخدمين معارضين ينشطون في تطبيق “فكونتاكتي” (VK) مما أدى إلى فرض ضغوط حكومية عليه وعلى شركته أجبرته على بيع حصته في “فكونتاكتي” ومغادرة روسيا ليؤسس لاحقاً تطبيق “تيلجرام” الذي تجاوز عدد مستخدميه النشطين في العام ٢٠٢٣م حوالى “٧٠٠” مليون مستخدم شهرياً.بعد مغادرته روسيا بدأ دوروف حياة جديدة كرائد أعمال عالمي وعاش متنقلاً بين عدة دول حيث حصل على جنسية جزر سانت كيتس ونيفيس بالكاريبي، ثم إختار في ٢٠٢١م الإمارات كمقر رئيسي لشركته “تيلجرام” نظراً للتسهيلات التي تغدغها الإمارات علی المستثمرين من رواد الأعمال وأصحاب الثروات المليارية ، ولكن مالم يعلمه دوروف أن تواجده في الإمارات كان فخاً نصبته له المخابرات الإماراتية والفرنسية نتيجة لتعاونهما في عملية أمنية عُرفت “بالموسيقي الأرجوانية أو Purple Music” .بدأت فصول العملية السرية منذ لحظة وصول بافيل للإمارات واستدراجه للإقامة فيها بتصويرها ملاذ آمن لثروته التى تقدر بحوالي ١٧ مليار دولار ، ثم متابعته والتجسس على هاتفه بواسطة المخابرات الإماراتية على مدار عامين إلى أن تم الإيقاع به في عطلة نهاية الأسبوع التي كان يقضيها في فرنسا وإعتقاله من قبل السلطات الفرنسية في مطار لو بورجيه بتهمة الإشتباه في إرتكابه جرائم تتعلق بالفشل في الحد من المحتوى الإجرامي على تيلجرام.لاقت قضية إعتقال دوروف رواجاً كبيراً في الإعلام الغربي لإعتبارها قضية سياسية من الطراز الأول حيث شارك مالك منصة أكس إيلون ماسك وسم #الحرية_لبافيل قبل نشره رسالة باللغة الفرنسية مفادها “حرية حرية حرية”،وكذلك كتبت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن فضيحة دولة الإمارات المتعلقة بالتجسس على درورف ، ونقلت الصحيفة عن أن وكالات إستخبارات فرنسية وإماراتية أخترقوا هاتف آيفون الخاص بدوروف في سلوك منافي للخصوصية، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن الإمارات ليست ملاذاً آمناً للمستثمرين ورواد الأعمال والسياسيين وإنما وكراً مخابراتياً للإيقاع بكل معارضي الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.من جهة أخرى فأن تفريط الحكومة الروسية في شخصية بإمكانات وخبرات دوروف وأخيه الأكبر نيكولا المبرمج المشهور يعد ثغرة أمنية كبيرة لا سيما وأن تطبيق تليجرام أحد أكثر التطبيقات شعبية بفضل ميزات الخصوصية والأمان ، بجانب إلتزام مالكيه بشكل خاص عدم الكشف عن معلومات حول مستخدميه كما يمكن من خلاله تسهيل تشفير الاتصالات من طرف إلى آخر ، فهو تطبيق وضع نفسه في مواجهة المنصّات الأميركية التي تعرّضت لإنتقادات بسبب إستغلالها التجاري للبيانات الشخصية للمستخدمين ، لذلك نجد أن الحكومة الروسية سارعت لإخراج دوروف من الإعتقال عبر سفارتها في فرنسا حيث تم إطلاق سراحه مع وضعه تحت الرقابة القضائية بشرط دفع كفالة قدرها ٥ ملايين يورو مع منعه من مغادرة الأراضي الفرنسية ، وقد تصل عقوبة التهم الموجهة إليه بالسجن لمدة ٢٠ عاماً في فرنسا وفقاً لما ذكرته الصحافة الروسية.