✍️ د. فاطمة عثمان
يقول الله تعالى : (مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) صدق الله العظيم ..{سورة الأحزاب الآية 23} .
بلدنا السودان يعيش اليوم أسوأ حالاته من عمر تاريخه الإنسانيّ ، و هذا البلد الشاسع الواسع قد انعم الله عليه بخيرات وفيرة و أنهار تتدفق ، و وديان تترقرق ، وارض مبسوطة بالعسجد ، وجبال شم تعانق الذرى ، وامطار غزيرة وخيرات وفيرة ، والأرض تخرج اثقالها من ذهب و فضة و بترول ومعادن اخرى ثمينة لقد جمعت بين الذهب الاصفر والابيض ، و الاخضر ، و الاسود ، فما اجمل هذه اللوحة المزدانة بكم هذه النعم التي قل أن تجتمع فى بلد واحد ، و قد أنعم الله لهذه الأرض ، لانه أحبها و إرتضاها دون بلاد كثيرة ، فلقد احبها أرضاً وشعباً بقدرته و جلاله .
تلك هى الارض ، أما الشعب فهو متعدد السحنات واللهجات ، و متنوع الثقافات ، و هذا التنوع ، و هذه الزركشة الجذابة هي روح السودان ، فعندما يغنى اهل الشرق يرقص لذلك الغرب طرباً ، وعندما تعزف ٱلة الطنبور شمالا تتمايل احلام جنوبه حباً وعشقا ، لم يقابل أهل السودان و شعوبه هذه النعم شكراً ، و حمداً وإستغلالاً ، و كما لم يستفيد منها تقدماً و نمواً ، و حضارةً و كذلك لم يحسن لها إدارةً ، بل ذهبوا عكس ذلك تماماً ، فضاقت بهم الارض بما رحبت ، فاخرجواً زفراً وطيناً لم تخرجه الطبيعة منذ ان وجدت الارض ، فلاقت عداءاً وكرها وحربا قضت على الأخضر و اليابس .
و هنا تمايزت الصفوف و ظهر صوت الحق للخلص من ابنائه ، طيف قوم هم صفوته ونبراسه فى حالكات الأيام هذي ، و الميديا والاعلام يعج ، (بمع) أو (ضد) بمن ينفخون اوار الحرب وكيرها بكل غث .
هذا الطيف المشبع بغزير علم من الرجال آثر ان يكون نعمة عذبة فى زمن كان النشاذ عنواناً و مسمعاً ، و خالف الإعلام و الميديا الكذوب بكلمة الحق و كلمة سواء ليجمع بها شتات الوطن حتى لا يتسرب بين أيدى اعدائه او أبنائه ، فيضيع وتضيع اهوائه .
لقد كان قلم الدكتور الباقر عبد القيوم ، جمعا لا تفريقاً ، ينظر الى الغد رغم الاهوال وسوء الاحوال بعين يملؤها الامل الى غد مشرق ويهدهد الاشواق والحب فى جوانحهم حباً و وداً ، ويصبح اليوم والامس ذكرى و درساً لتستوعبه أجيال الغد ، و محطة انطلاق نحو فضاءات الانتعاق ، سيما نحن شعب كما قال الشاعر الجاهلى:-
و نشرب ان وردنا الماء صفوا
ويشرب غيرنا كدرا وطينا
اذا بلغ الفطام لنا صبى
تخر له الجبابرة صاغرينا
أصدق التحايا و التجلة و و كثير من التقدير للدكتور الشيخ الباقر عبد القيوم علي الذى عرفته من خلال همس حروفه الوضاءة ، و أحسب أن حروفه ليست همساً ، انما هو بوح الكاتمين و صراخ الهائمين فى حب هذا البلد الجميل العزيز بأهله ، صراخاً يتعالى فى سماوات بلادى التى هدها التعب وأنهكها البكاء وأرهقها المسير و طول السير ، و هى تسأل دوما الى اين المسير؟!!! .
الى اين يا بلاد العز والكرم والشموخ والعلم الوفير؟!!! ، لا أعرفه ولا يعرفنى ، و لكنا من سودانه و قد شربنا من نيله العذب ومن أرضه الخضراء ، و خرجنا الى فضائه الرحب ولكنى ، أجزم إنه أحد أبناء السودان الذين ٱلوا على أنفسهم أن يسخروا عقولهم و أقلامهم ليطوعوا الكلم واليراع ليشحذوا بذلك الهمم ، و ليؤكدوا أن بلوغ السودان للأعالى و السؤدد شأن ابنائه وخاصته ، وان يكون عاليا بين الامم قراراً ، هم من يصنعونه .
شكراً جزيلاً جميلاً يليق بمقامكم أخي دكتور الباقر عبد القيوم علي ، مثنى ، و ثلاث ، و رباع لك و لأخوتك الذين يمشون فى دربكم الاخضر ، و حتما من سار على الدرب وصل
لله دركم يا هذا حفظكم الله ورعاكم و سدد خطاكم ٠