✍️ د. الباقر عبد القيوم علي
أتي يوم المعلم في وقت حساس جداً و قبيلة المعلمين في السودان تواجه تبعات حرب لعينة و تداعياتها ، و هم يعانون من صعوبات جسيمة إنعكست على تأدية رسالتهم المقدسة ، سواء من الناحية النفسية أو المادية .
و نحن نجد سلوانا في هذه الهمم العالية التي تصنع الأجيال و تغير مجرى التاريخ ، لأنهم جندوا أنفسهم دون تردد لتلبية نداء الواجب ، و لهذا نجد فرصتنا في اليوم العالمي للمعلم الذي يوافق الخامس من إكتوبر في كل عام ، لنسلط الضوء على تضحياتهم ، فهم شموع مضيئة تحترق من أجل إضاءة الطريق للأجيال ، و لهذا لابد من إبراز دورهم الحيوي في المجتمع ، فنجدهم رغم كل التحديات ما زالوا يمثلون حائط الصد المنيع أمام الجهل ، فهم بارقة الأمل الوحيدة في بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة ، و من الأهمية بمكان أن نوجد لهم في هذا اليوم مساحة لنعبر عن تقديرنا لهم ، و نطالب لهم بتقديم الدعم اللازم لقضاياهم ، لأنهم الركيزة الأساسية لبناء الإنسان و التنمية ،حتى في أحلك الظروف .
نريد أن نسلط الضوء على وضع المعلمين في ظل الظروف الاستثنائية ، و ما حدث لهم من تجريف في هذه الحرب ، و لابد من عكس ظروفهم القاهرة التي يمرون بها ، و التي تمثل تحدياً كبيراً ، لأنهم يواجهون ضغوطاً نفسية و مالية هائلة مع التهميش الذي يواجهه البعض ، وخصوصاً النازحين منهم ، و يأتي هذا علاوة على عدم استقرار البيئة التعليمية ، و خصوصاً ان التعليم تعرض في فترة ما قبل الحرب لتشويش شديد ، الشيء الذي أثر على قدرة الطلاب على التعلم و عقد جهود تطويرهم ، ويرجع ذلك للنقص الحاد في كل شيء ، مع الإختلال الذي حدث في معايير المناهج التربوية .
و على الرغم من كل ذلك ظلت هذه المكائن الصامتة متمسكة برسالتها المقدسة ، رغم هذه الظروف الصعبة ، و هذا يعكس روح الإصرار والمثابرة ، و لهذا لابد أن تلتفت الدولة إلى الإهتمام بهذه الشريحة المهمشة ، التي تصنع عقول أولادنا ، و لابد من دعمهم على المستوى الحكومي و المجتمعي ، لضمان استمرارية التعليم ، و تحسين ظروفهم ، فمن الضروري أن تكون هناك استراتيجيات واضحة لدعمهم وتوفير الموارد اللازمة لهم ولطلابهم في هذه الأوقات العصيبة .
و فوق طامة الحرب أتت الفيضانات في السودان و أحدثت كارثة إضافية زادت من معاناة الشعب ، وأثرت بشكل كبير على نظام التعليم ، و دمرت المدارس ، و فقد العديد من الطلاب والمعلمين منازلهم ، مما أدى ذلك إلى انقطاع التعليم وحرمان الأطفال من حقوقهم في التعليم ، و هذا الوضع المعقد من الذي فرضته تقاطعات الحرب مع التشريد و الفيضانات فأدى ذلك إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية ، وأصبح من الصعوبة توفير بيئة تعليمية آمنة و مستقرة. ، و لذلك لابد أن تبذل الحكومة و المجتمع معاً جهوداً عاجلة لإعادة بناء المدارس و تأمين الموارد اللازمة للمعلمين والطلاب ، بالإضافة إلى الدعم النفسي والاجتماعي لمن تأثروا من الطلاب و المعلمين بشكل مباشر .
و في ظل هذه التحديات، يظل التعليم أملاً في إعادة البناء والتعافي ، و لهذا يجب أن نعمل جميعنا على دعم المعلمين والطلاب في هذه الظروف الصعبة .
الله من وراء القصد