رشان اوشي

السودان أمام أزمة مركبة ،كلفته الكثير من المآسي والتدمير، قوى إقليمية طامعة في موارده الغنية، مافيا سياسية انقضت على السلطة، كإنقضاض قطاع طرق على قافلة في طريق خلوي، و قضمت أكثر مما تستطيع هضمه في هذه اللحظة المأزومة سياسياً ومجتمعياً.

لكنّ ما هو أسوأ، أن قيادتها تحاول استغلال اللحظة السودانية الراهنة ، لتحقيق طموحاتها، حتى وان كان ذلك على حساب نسيج السودان المجتمعي .

البعض يظن أن أخطاء “حميدتي” يجب أن يسدد فاتورتها كل العرب في دارفور ، ليرثوا نفوذهم الذي صنعته السلطة المركزية لضرورة حقبة ما ، وهذه رؤية خاطئة ، ستكون عواقبها وخيمة، فالانفصالُ عن الواقع، وخلق واقع جديد، هو نوع خطير من أنواع القيادة للهاوية.

الهجوم المنظم على زعيم “المحاميد” “موسى هلال” وتخوينه،هو استثمار في انهيار النظام المجتمعي في دارفور.

الشيخ ” هلال” ليس خائناً، بل رجل وطني ، ظللت على تواصل معه طيلة فترة الحرب ، هو في صف القوات المسلحة ، وبذل مجهودات عظيمة في إعادة صياغة العهد الاجتماعي بين المجموعات السكانية لشمال دارفور، عبر توقيع مواثيق عمل مشترك لصد عدوان مليشيات “آل دقلو”.

لكن جهات طامعة في بسط نفوذها السياسي ،العسكري في دارفور ، تعمل على إحباط كلّ محاولة وطنية، مع المضيّ في أبلسة “هلال” ، وهي أكثر علماً ودراية بأن القوات التي تقاتل بجانب مليشيات “حميدتي”بإسم “مجلس الصحوة الثوري”، يقودها “محمد بخيت عجب الدور ” الذي عزله الشيخ “موسى ” عن موقعه كأمين عام في ١٣/يناير/٢٠٢٣م .

كشفت الحرب خللاً هائلاً في ميزان الولاء الوطني ، وان بلادنا تتكئ على رصيد هائل من الانتهازية السياسية، وان العدو وظف ذلك الخلل في عملية انقضاض لا ترحم.

النخبة السودانية أمام امتحان عسير في ولائها الوطني، وسيظل السؤال مطروحاً: كيف ستخرج بلادنا من هذا الجحيم ؟، كيف ستنقذ مجتمعنا من الزلزال ؟، فبعض الماضي يساعد في فهم أخطار الحاضر.

ينبغي على الجميع ان يكونوا عقلانيين و على شيء من الاستعداد للتعامل مع الواقع والمأساة، وفقاً لرؤية وطنية تجمع ولا تفرق السودانيين.
محبتي واحترامي