تقرير: عثمان صديق
نظمت المفوضية السامية للاجئين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) بعثة رفيعة المستوى إلى مصر الأسبوع المنصرم، تحت عنوان “التعليم لا يمكن أن ينتظر”، أشارتا بشكل واضح إلى نقص التمويل ودعتا إلى زيادة عاجلة في الدعم الدولي للأطفال النازحين قسراً خلال النزاع المسلح في السودان، سواء داخل السودان نفسه أو في البلدان المجاورة.وقد كان لمصر حظاً أوفر من هؤلاء اللاجئين لاعتبارات ثقافية وجغرافية وعلاقات أزلية بين شعبي وادي النيل فقد أوردت وكالة “أفريكا نيوز” (السبت) أنه تم تسجيل أكثر من 748,000 لاجئ وطالب لجوء حتى الآن لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر، معظمهم من النساء والأطفال الذين وصلوا مؤخراً هرباً من الحرب الأهلية التي بدأت في السودان في أبريل 2023. وقد زاد عدد اللاجئين السودانيين منذ بداية هذا الصراع بمقدار سبعة أضعاف تقريباً، ومن المتوقع أن يزيد عددهم أكثر من ذلك.استمرار الحرب يعني استمرار تدفق الضحاياومع استمرار الحرب وفشل الوساطة الأمريكية (جدة – جنيف) يزداد عدد الضحايا ( قتلى ونازحون و لاجئون) بمتوالية هندسية بينما تتضاءل الموارد المقدمة من وكالات الأمم المتحدة والشركاء الاستراتيجيين الآخرين.وقدرت خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين في السودان لعام 2024 بمبلغ (109) ملايين دولار لتلبية الاحتياجات التعليمية للاجئين في جميع أنحاء المنطقة. وحتى الآن، تم الوفاء ب 20% فقط من هذا المبلغ، بما في ذلك 4.3 مليون دولار، أو 40% من احتياجات مصر، ومع وصول 9000 طفل كل شهر لمصر – حسب إحصاءات المنظمة الدولية – فإن حوالي 54٪ من الأطفال الوافدين حديثًا خارج المدرسة حاليًا، وفقاً لتقييم حديث لليونيسف والبنك الدولي.الاحتياجات تتجاوز بسرعة الاستجابة المقدمةلقد عانى الفارون من الصراع في السودان من أعمال عنف لا توصف وتحطمت حياتهم والشباب في سن التمدرس شردتهم الهجمات المسلحة من قبل مليشيات الدعم السريع – المتمردة على كل الأعراف والقوانين المحلية والدولية – فدمرت المؤسسات التعليمة وعطلت حياة الناس من عمل وحرية الحركة والتنقل – إلا سيراً على الأقدام أو على ظهور الدواب وذلك في معظم إن لم يكن كل المناطق التي انتشرت فيها قواتهم – ومع ذلك فإن التعليم ليس أقل من شريان الحياة. لذا قالت ياسمين شريف، المديرة التنفيذية لصندوق التعليم العالمي للتعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة: “إن التعليم لا يمكن أن ينتظر، فهو يوفر للأطفال الحماية والشعور بالحياة الطبيعية في خضم الفوضى، ويمنحهم الموارد التي يحتاجونها للشفاء والازدهار مرة أخرى، وأضافت أنه بروح المسؤولية المشتركة المنصوص عليها في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين، أدعو الجهات المانحة الدولية إلى تكثيف دعمها. هناك حاجة ماسة إلى موارد إضافية حتى يتمكن الأطفال اللاجئون وأطفال المجتمعات المضيفة في مصر وغيرها من البلدان المضيفة في المنطقة من الالتحاق بالمدارس ومواصلة التعلم.وأضافت إن مستقبل المنطقة بأكملها على المحك ولا ينبغي حرمان الأطفال النازحين قسراً من حقهم الأساسي في مواصلة تعليمهم، ولم يعد فرارهم من النزاع يشكل عقبة أمام حقوقهم. وقال جيريمي هوبكنز، ممثل اليونيسف في مصر: “إن اليونيسف عازمة على ضمان حصول الأطفال السودانيين المتأثرين بالصراع على فرصة العودة إلى المدرسة. وتعمل اليونيسف بجد، تحت قيادة الحكومة المصرية، وبالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الشقيقة وشركاء التنمية، لخلق بيئات تعليمية شاملة وتعزيز أنظمة وخدمات التعليم المرنة.وسبق أن أعلنت منظمة “التعليم لا يمكن أن ينتظر ECW” في ديسمبر 2023م عن منحة بقيمة 2 مليون دولار أمريكي لأول استجابة طارئة في مصر. لمدة 12 شهرًا، والتي تنفذها المفوضية بالشراكة مع اليونيسف، ومن المفترض أن تصل إلى أكثر من 20,000 لاجئ سوداني في محافظات أسوان والقاهرة والجيزة والإسكندرية. كما خصصت ذات المنظمة ECW مبلغ 8 ملايين دولار في شكل منح الاستجابة الأولى لحالات الطوارئ لجمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وإثيوبيا وجنوب السودان لتلبية احتياجات الحماية والتعليم العاجلة للأطفال الفارين من الصراع المسلح في السودان.لماذا لا يتم تصنيف المليشيا كمنظمة إرهابية؟فشل منبر جنيف في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في منبر جدة – فالعبرة ليست بجلسات التفاوض وإنما بقدرة وحرص الوسطاء والمراقبين على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه أولاً بأول قبل الشروع في طرح بنود تفصيلية أخرى على مائدة التفاوض. ورغم ادعاء الولايات المتحدة بأنها راعية الديمقراطية والعالم الحر في العالم إلا أنها والمجتمع الدولي لم تتوفر لديهم الرغبة الجادة والحرص اللازم لإيقاف انتهاكات مليشيا قوات الدعم السريع للقانون الدولي الإنساني، فأصبح عدد الضحايا المدنيين في إزدياد رغم شح المتوفر فعليا من الموارد المالية لمقابلة احتياجات المتضررين من نازحين ولاجئين، وبما أن المبلغ التي تم تحصيله مما التزم به المانحون هو فقط 20% من التقديرات الحالية فهذا يعني أن الفجوة ستزداد اتساعا طالما هجمات المليشيا مستمرة، ونخشى أن يأتي اليوم الذي سيعلن فيه المجتمع الدولي فشله في توفير الدعم الانساني كما فشل في تصنيف قوات الدعم السريع بالمليشيا الإرهابية رغم ما ارتكبته من جرم وما زالت منذ 16 شهرا.لقد فشل المجتمع الدولي حتى الآن في الوفاء بالحد الأدنى من التزاماته تجاه السودانيين، سواء الذين لجأوا منهم إلى دول الجوار، أو من نزحوا إلى الولايات الآمنة، أو المجتمعات المضيفة داخل السودان، ولم يقتصر الفشل على عدم الوفاء بالاحتياجات التي يكفلها لهم القانون الدولي الإنساني وإنما أيضاً في عدم ممارسة الضغط الكافي على الأطراف التي تزيد نيران الحرب اشتعالاً وتواصل تقديم الدعم اللوجستي والمالي والغطاء السياسي لمليشيا الدعم السريع لتواصل حربها ضد الشعب السوداني، دون أن يتم تصنيفها منظمة إرهابية، على الرغم من كونها تنطبق عليها كل المعايير التي اعتمدها المجتمع الدولي.
المصدر/ المحقق