شان أوشيرشان أوشي

رشان اوشي

واقعنا الان يعبر عن مشروع الميليشيا الذي دمر الماضي، ويدمر الحاضر، ويفتت المستقبل إلى هياكل متنازعة تقدم للأجيال القادمة وعداً بالتخلف، والعنف، والاستبداد.

وسط هذا الركام والصورة القاتمة ، بدأ العقل السياسي الذي يقود الدولة يتفتق عن خطوات جاءت متأخرة ، ولكنها منتظرة منذ اندلاع الحرب ، فتوجه الدولة إلى التحالف مع الشرق يعني أن مشروع الدولة المستقرة في مستقبلها بدأ يتشكل .

زيارة رئيس مجلس السيادة “البرهان” إلى الصين برفقة وفد وزاري كبير ، لمناقشة العديد من الملفات الاقتصادية والعسكرية، هو الخطوة الأهم في طريق التحالف السوداني الشرقي ، حيث سبقتها خطوات حكومية بدأت بزيارة نائبه “عقار” العام الماضي ، ولجان عسكرية ومدنية كانت تلتقي القيادة الصينية ، الروسية، التركية، الإيرانية ، في سبيل توضيح ملامح العلاقات الخارجية السودانية المبنية على المصالح .

إبان نظام “البشير” ، عندما كانت الدولة واضحة المعالم والمشروع بغض النظر عن اختلافنا معه ،كانت تكنولوجيا الحلفاء وموارد السودان الضخمة يصنعان قوة اقتصادية سودانية واعدة .

نقبت “الصين” الحليفة عن البترول ، حتى أصبح “مزيج النيل” على شاشات البورصة العالمية ، وبلغت قيمة الدولار جنيهين ونصف ، وبالتالي حدثت طفرة على مستوى منشآت البنى التحتية ، حيث شيدت الجسور ، الطرق القومية ، النهضة العمرانية بوسط العاصمة ، كان السودان قوياً، قادراً على مقاومة مشروع الاستعمار الغربي واذرعه المحلية ، ملايين الناس جاءوا إلى السودان يعملون ويحلمون ويسعون ويثرون.

ولكن بعد سقوط نظام “البشير” ، وفض التحالف مع المجموعة الشرقية لصالح الحلف الغربي ، أصبح السودانيين بين لاجئ ونازح جميعهم يفضلون الموت على البقاء في شقاء بلدهم ، وليس وطنهم لأن هذا التعبير فقد معناه تماماً، نتاج سياسات النظام حليف الغرب ، لأن البلد الذي لا تطيق الحياة فيه، وتفضل عليه أي غربة خلف أي بحر، أو محيط، أو سلسلة جبال، هو ليس وطناً.

خمس أعوام عجاف ، التحف التحالف السياسي المدعوم من الغرب ، بغطاء الثورة كي يبرر كل هذا الفشل والفساد والخيانة ،حتى قررت المليشيات المدعومة من الغرب عبر وكلاءه بالخليج العربي ، فرض فشلها في تحقيق أهداف “الكفيل” بالانتقام من نجاح سواها ، بتدمير كل النهضة التي صنعها النظام السابق حليف الشرق، بينما يحصي حلفاءها السياسيين ضحاياها كأنهم يحصون للجزار قطيعه، ويضعون الورود على قبورهم ، ولسان حالهم يقول:” كلفنا السفاح بأن نقوم بهذا الدور بدقة ومسؤولية”.

أخطرُ ما في حرب السودان ، أنها تدور في وضعٍ دولي شديد الخطورة. يعيش العالم اليوم بلا صمامات أمان. لا مجلس الأمن بإمكانه انصاف الضحايا السودانيين ، ولا الأمم المتحدة ، لأن العلاقات داخل نادي الكبار يحكمها الحلف القوي .

كما قال أمير الشعراء “احمد شوقي” :”وللحرية الحمراء باب بكل يد مُضرجة يدق”.سدد السودانيين فاتورة خلاصهم من استعمار الغرب ، وكانت باهظة الثمن ،لأن باب الحرية ملطخ بالدم على مر العصور.
محبتي واحترامي