✍️ د. الباقر عبد القيوم
الروابط الاجتماعية العميقة والمتجذرة بين الشعبين الشقيقين السوداني و المصري كانت هي الباعث الاول و المحرك الأقوى لتوطيد هذا الإنسجام بينهما ، و كان لابد من تطوير هذه العلاقات و توسيع مواعين راوبطهما الإجتماعية و الإقتصادية ، و التي نشأت من حميمية هذا الإنتماء ، وظلت هذه العلاقات تشكل أكبر الهموم بين الشعبين ، و لهذا نجدها قد فرضت نفسها بقوة ، و أثرت بشكل أو بٱخر في إجبار كل الحكومات المتعاقبة في البلدين على السير خلف هذه العلاقات و إحترام روابطها التاريخية ، و السعي بتمكينها و التكيف معها كأمر واقع ، بغض الطرف عن كل الملفات التي بدورها يمكن ان تعكر صفو هذا الإرتباط و تحدث فيه خمائر عكننة ، و لذلك نجد أن البلدين سعيا على الحفاظ لإستقرار هذه العلاقات بين الطرفين بتعزيز فرص التعاون المشترك بينهما بناءً على تلك الروابط الإجتماعية التاريخية و الثقافية الراسخة بينهما ، و من هذا المنطلق أتت فكرة إنشاء معابر بين البلدين لتفعل هذه المعاني على أرض الواقع .
توجت الدولتان هذه العلاقات الراسخة و القوية بفتح معبري أرقين و أشكيت ، وهو ما ساهم في تسهيل حركة التواصل والتجارة بين البلدين ، حيث يعكس فتح هذين المعبرين إلتزام الدولتين بتعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية ، ويعتبر هذا الإنجاز تحدي و خطوة مهمة نحو تطوير التعاون والتبادل بينهما .
لقد ظل التزام مصر برعاية المعبرين في جانبها ثابتاً ، بينما لم تُعطِ الدولة السودانية اهتماماً كافياٌ لرعاية الجانب الٱخر في معبري اشكيت و أرقين ، و هذا التفاوت في الاهتمام أدى إلى خلق بيئة عمل غير ملائمة في الجانب السوداني ، ما قد يؤثر سلباً على سير العمل و عدم تسهيل حركة التجارة والتواصل بين البلدين .
من الصعب أن تتخيلوا أن معبري أرقين و أشكيت في الجانب السوداني يعانيان من نقص في أبسط الخدمات مثل الماء والكهرباء و المنافع ، خاصةً بالنظر إلى قربهما من النيل ، الذي يوفر مصدراً قريباً للمياه ، و عدم توفر هذه الخدمات الأساسية التي يحتاجها الإنسان يعكس تحديات كبيرة في البنية التحتية ويؤثر سلباً على راحة العاملين والمستخدمين للمعبرين ، مما يستدعي الضرورة القصوى للاهتمام بتطوير هذه الخدمات لضمان تحسين بيئة العمل وتسهيل حركة المرور والتجارة .
بدأت إدارة معبري أرقين و أشكيت تحت إشراف مجلس السيادة منذ الإفتتاح ، و بعد ذلك انتقلت إدارتهما إلى وزارة النقل ، و لكن للأسف لم يحصل المعبران على أي درجة من الاهتمام ، بل حدث العكس تماما و هو إهمالهما تماماّ منذ استلامهما و حتى تاريخ هذه اللحظة ، حيث اقتصرت أنشطة وزارة النقل على جباية الرسوم دون النظر إلى تقديم أي نوع من أنواع الخدمات أو الصيانة للبنية التحتية ، هذا الإهمال أثر سلباً على سير العمل فيهما و تردي مستوى الخدمات المقدمة .
الحمد لله لقد عادت إدارة المعابر إلى المجلس السيادي ، و نأمل أن يسهم هذا التغيير في تحسين بيئة جيدة للعمل بما يتماشى مع أهمية هذا الاسم الكبير ، و لا بد من أن يتم تعزيز الخدمات فيهما و صيانة البنية التحتية لضمان تسييرهما بشكل فعال يوفر الراحة للمتعاملين فيه .
و يجب أن تشرك الولاية الشمالية في إدارة هذين المعبرين ، لأن إشراكها سيحدث تأثير إيجابي و كبير ، نظراً لوجود هذين المعبرين ضمن حدودها الجغرافية ، لأن الولاية على دراية كافية بالاحتياجات المحلية والتحديات الخاصة بحدودها الجغرافية ، و إذا تم إشراكها في إدارة هذه المعابر ، فمن المؤكد أنها ستقدم خدمات أفضل ، و كذلك صيانة أكثر فعالية ، مما يساهم في تحسين بيئة العمل بصورة تسهل حركة التجارة عبر المعبرين .
تظل الولاية الشمالية تطالب بحقوقها في إدارة المعبرين منذ إفتتاحهما و حتى تاريخ هذه اللحظة دون تحقيق مطالبها بشكل كامل أو فعال ، إذ لم تحصل سوى على الفتات من الموارد والاعتراف ، وعلى الرغم من ذلك تتحمل الولاية تبعات العديد من الإشكالات في هذه المعابر ، بما في ذلك نجدها قدمت خدمات تقدر قيمتها بأكثر من 120 مليار جنيه خلال فترة الحرب ، بالإضافة إلى ذلك ، تتحمل الولاية حالياً مسؤولية التعامل مع المبعدين من مصر ، مما يضيف إلى أعبائها الكثير ، و هذا الوضع يشير إلى ضرورة إعادة النظر في توزيع المسؤوليات والموارد لضمان تلبية احتياجات الولاية بشكل أفضل وتعزيز قدرتها على إدارة المعابر بفعالية .
رسالتنا إلى حكومة المركز هي ضرورة عدم تجاوز الولاية الشمالية في إشراكها في إدارة المعبرين ، فإشراك الولاية الشمالية بشكل أكبر التحديات و سيسهم في تحسين إدارتهما بشكل ملحوظ ، من واقع أن الولاية ستبديء حرصاً كبيراً على إدارتهما وحمايتهما بصورة أكثر من أي جهة أخرى، مما سينعكس ذلك إيجاباً على فعالية وكفاءة العمليات فيهما .
و الله من وراء القصد